وفاة المناضلة سيمون فاي

المرأة (سيمون فاي) – سيمون فاي شخصية محببة جدا عند الفرنسيين، دخلت قلوبهم عام 1975 عندما دافعت بشجاعة مؤثرة عن قانون الإجهاض الذي كانت الحكومة تنوي سنّه حينها. احتلت سيمون فاي مناصب عديدة واليوم تنضم إلى الأكاديمية الفرنسية.

تعتبر سيمون فاي من الشخصيات المحببة كثيرا عند الفرنسيين. وقد دخلت قلوبهم عام 1975 عندما دافعت بشجاعة مؤثرة عن قانون الإجهاض الذي كانت الحكومة تنوي سنه حينها. احتلت سيمون فاي مناصب عديدة كوزيرة ثم وزيرة دولة ثم رئيسة للبرلمان الأوروبي قبل أن تدخل اليوم الأكاديمية الفرنسية.
” إنه شرف كبير جدا لي، و أنا مندهشة من هذا الشرف ولا أعرف الأسباب التي تجعلني في هذه الحالة” هذا ما قالته سيمون فاي يوم انتخابها في الأكاديمية الفرنسية في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2008 لتصبح ” خالدة” .

نجت سيمون فاي من المحرقة النازية. كانت مناضلة تدافع عن حقوق المرأة وشخصية سياسية ذات شعبية كبيرة و نائبا في البرلمان الأوروبي و عضوا في المجلس الدستوري. ويعتبر دخولها للأكاديمية الفرنسية مرحلة جديدة في مسيرتها الاستثنائية.

سجين رقم 78651 وقانون فاي

قصة تاريخ سيمون فاي تبدأ من باب التاريخ الواسع. في 30 مارس 1944 تم إيقاف سيمون فاي وعائلتها من قبل البوليس النازي “الغستابو” في مدينة نيس جنوب فرنسا وكانت في السابعة عشرة من العمر. كان اسمها في ذلك الوقت سيمون جاكوب وهي ابنة مهندس معماري من أصول يهودية. تم ترحيلها إلى معسكر الاعتقال الشهير” اشويتز” برفقة أمها وأختها مادلين. نجت من الموت بأعجوبة عندما أخفت عن حراسها حقيقة عمرها. عام 1945 توفيت أمها بمرض التيفوس في معتقل بارجن- بارجن. كان الموت أيضا من نصيب أبيها وأخيها في معسكر اعتقال في ليتوانيا. وبعد انتهاء الحرب لم يبق من عائلتها إلا أختين لها.

مع انتهاء الحرب العالمية الثانية ناضلت سيمون فاي في صفوف المنظمات التي عملت على التعريف بالدور الهام الذي لعبه عدد من الفرنسيين في إنقاذ العديد من اليهود من الموت وقد أطلق عليهم اسم “العادلون”. وتترأس سيمون فاي مؤسسة ذكرى المحرقة. وستحمل اليوم عند دخولها الأكاديمية الفرنسية وعلى حافة سيفها الأكاديمي رقم 78651 وهو الرقم الذي كان مرسوما على ذراعها عندما كانت سجينة في معتقل “اشويتز” الشهير.

عند انتهاء الحرب جاءت سيمون فاي إلى باريس وحصلت على شهادة عليا في الحقوق ثم تزوجت بأنطوان فاي ثم أصبحت قاضية بعد أن بدأت حياتها المهنية كمحامية. دخلت السياسة في حكومة جاك شيراك رئيس الوزراء في عهد جيسكار ديستان وحصلت على منصب وزيرة للصحة. ولم يقع اختيارها لهذا المنصب صدفة بل أن الرئيس جيسكار كان يعلم جيدا موقفها من موضوع الإجهاض في فرنسا وموقف الفرنسيين المعارض لهذا الموضوع . ساندها جيسكار في معركتها لسن القانون رغم أن الجمعية الوطنية الفرنسية كانت فيها أغلبية تعارض بشدة هذا القانون. وقد عاشت وقتها سيمون فاي فترة سياسية حرجة تعرضت فيها للشتم وللمعارضة العنيفة. ولكنها لم تيأس وواصلت طريقها لإقناع المجلس بالتصويت على مشروع القانون الجديد للسماح بالإجهاض في فرنسا. وتمت المصادقة من الجمعية الوطنية الفرنسية على نص القانون النهائي ودخل حيز التنفيذ في 17 جانفي 1975. ويحمل هذا القانون اسم “قانون فاي” .
أعطت هذه المعركة مكانة مرموقة لسيمون فاي على الساحة السياسة الفرنسية وأصبحت بعدها من الشخصيات المحببة عند الفرنسيين الذين يكنون لها التقدير والاحترام.

أول رئيسة للبرلمان الأوروبي

SIMONE VEIL – INTRONISATION DE SIMONE VEIL, A L’ACADEMIE FRANCAISE.

عام 1979 خاضت سيمون فاي غمار أول حملة انتخابية للبرلمان الأوروبي. و نجحت آنذاك في الفوز بهذه الانتخابات مع حزبها من الوسط ” الاتحاد من أجل ديمقراطية فرنسية”. انتخبت بعدها كأول رئيسة للبرلمان الأوروبي عام 1979 و بقيت نائب في هذا البرلمان حتى عام 1993. بعد الانتخابات الرئاسية لعام 1981 والتي فاز بها الاشتراكي فرانسوا ميتران دخلت صف المعارضة المعتدلة ضد الرئيس ميتران. عام 1993 عينها رئيس الحكومة ادوارد بلادور وزيرة دولة مكلفة بالشؤون الاجتماعية والصحة وشؤون المدينة. وكانت بذلك أول امرأة تحصل على رتبة وزيرة دولة في فرنسا.
أصبحت عام 1997 رئيسة المجلس الأعلى للاندماج في فرنسا وعضوا في المجلس الدستوري بين عام 1998 وعام 2007. ساندت نيكولا ساركوزي عند ترشحه لمنصب رئاسة الجمهورية عام 2007 ولكنها احتفظت بحرية الكلام. وانتقدت سيمون فاي خاصة إنشاء وزارة الهجرة والهوية الوطنية عوضا عن وزارة للهجرة والاندماج.

ستصبح سيمون فاي المرأة السادسة التي تدخل الأكاديمية الفرنسية من مجمل 708 أكاديمي دخلوها منذ نشأتها. وستلتحق بسابقاتها من النساء : مارغريت يورسينار و جاكلين دو رومييه وهيلين كارير دانكوس وفلورانس دولاي و آسيا جبار. وقالت سيمون فاي أمس في تصريح لها إن ” النساء لهن رؤية مغايرة للمجتمع، ومن المهم جدا أن تعطي المرأة وجهة نظرها لأنها في أغلب الأحيان عملية وواقعية أكثر من الرجال.”

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا